إنّ أوّل مشكلة جابهت الإسلام هي مشكلة الخلافة أو بالأحرى الإمامة. وكان البحث فيها سياسياً مصبوغاً بصبغة دينيّة. وترتّب على هذه المشكلة قيام عدّة فرق، أهمّها الخوارج، والشّيعة، والمرجئة؛ وبها بدأ المحقّق لأنّها السّابقة في الظّهور. ثمّ تحوّر النّزاع إلى مسائل كلاميّة مع المعتزلة الّذين ركّزوا بحثهم في تفهّم كنه الوحي على ضوء العقل. وهنا نلاحظ أنّ العقل طغى على الإيمان حتّى كاد يخنق العقيدة. فكان لا بدّ من ردّ فعل لهذا التّطرّف العقلي؛ وجاء ردّ الفعل هنا من جهة المحدثين الّذين تطرّفوا من جهتهم، حتّى كادوا يخنقون العقل على حساب الإيمان؛ إلى أن جاء الأشعري فحاول التّوفيق بين كلا الفريقين. هذا ما حاول أن يظهره المحقّق في هذه الدّراسة، مستعرضاً الخطوط العامّة الّتي تميّزت بها كلّ فرقة، متجنّباً الفوارق الّتي لا حصر لها والّتي كانت سبباً في تشعّبها.